Toboupost تبوبوست

View Original

النعاج التي جاءت تواسي “كنتاهيي

”...."

كنتاهيي  ....اسم علم مؤنث  من الأسماء  التباوية تطلق على المرأة التباوية  وتنطق بمد الألف و بتشديد الياء نهاية الاسم… “كنتاهيي”... ليست مجرد اسم بل هي ثقافة وموروث ولغة  وعادات وتقاليد…مصدر اسم كنتاهيي جاء من  “كنتاهو”...وكنتاهو في لغتنا التباوية  تعني “ الرحمة “..وصيغة الاسم “ كنتاهيي تعني “ كثيرة الرحمة “ …والرحمة هي من صفات الخالق عز وجل “ الرحمن الرحيم,  وإطلاق الأسماء على الأشخاص  وحملها صفات الخالق هي  جزء  مهم من موروثنا الثقافي الإسلامي في المجتمع التباوي… كنتاهي اسم تقليدي قديم لم تعد من الأسماء الحديثة التى يفتخر بها  أبناء هذا الجيل , لذلك يندر وجودها بين أسماء نساء التبو فى الوقت الحاضر   . 

تعيش “كنتاهيي”  في قرية نائية وفي  بيت  صغير و متواضع في الصحراء, هذا البيت   صنع نصفه من طوب الأرض  والنصف الآخر من جريد النخيل , البيت  تحفه رمال الصحراء من كل جانب حتى تكاد تردمها  ،ولكنها تبرز كتحفة معمارية صنعتها الطبيعة ، من وراء كومة من الرمال  الزاحفة حتى تكاد  أن تخفي معالمها ...  ،الرمال هي أحد معالم الصحراء يعرف بها الأثر ويستدل بها  على نوع الأرض ويحدد بها مقدار سرعة الرياح  , الصحراء ليس كما يقال  قاسية وجرداء …,هي كذلك لمن لا يعرفها ولكنها تعني الكثير لسكانها فهى تحضن بين حبات رمالها الدافئة الماء السلسبيل  أساس الحياة  في الصحراء … ,  والصحراء ليست هادئة ومؤنسة  دائما ,فهي هادئة  احيانا و  تغضب أحيانا بدون سبب   فتقدفنا  بحبات رمالها  على هيئة رياح ساخنة لا يتحملها إلا من  خبرها و اعتادها , وهو جزء من ضريبة  الوجود  الذي تفرضه الطبيعة على إنسان الصحراء ؟…., بيت “كنتاهيي”..  يقع على حافة رمال  هذه الصحراء   ، حيث تزحف السيوف الرملية كلما هبت رياح القبلي  صوب الحائط الشرقي من هذا  البيت  وتكدس رمالها حتى تكاد أن تردم نصف الحائط وتغلق مدخل البيت المتواضع  قبل أن تبادر أم كنتاهيي “... سحب تلك الرمال بعيدا  عن بيتها  بآلة  بدائية من صنع يدها وهي مجرد  عن لوح “خشبي مربوط بحبل طويل من كلا طرفيه  تساعد على الجر ,يعمل عليها شخصان أحدهما يدفعه من الخلف  والآخر يجره من الامام  إنها براعة اختراع  إنسان الصحراء  صنعها حسب حاجته .,عندما تهب الرياح  تتجمع الرمال حول البيت حتى توشك  على   إغلاق مدخله,  فتهب  “أم كنتاهيي”  تساعدها في ذلك  إحدى  جاراتها  بسحب تلك الرمال بعيدا عن البيت    لتصنع  ممرا آمنا يقود الى مدخل البيت وكذلك ممر آخر يقود  الى  بيت “النعاج”... خلف ذلك البيت  والذي يسمى بلغتنا " كاراه "؟

عندما تشرق شمس الصباح  ، وتبعث بأشعتها الذهبية من وراء تلك الكثبان الرملية ، تكون “كنتاهيي”  ...قد أخذت جرة مائها ، ووضعت حبات من  التمر    في كيس من الصوف صنع خصيصا  من بقايا أكياس القمح التي تم استهلاكها مند سنوات خلت ، وترتدي قميصها  المتواضع وتنورتها والتي يطلق عليها في لغتنا  اسم " يا با".. قبل  ان تشرب كوب من حليب الماعز الذي أعدته امها على عجل من الليل ، لتنطلق  بعدها بحماس لا نظير له  فى مهمة يومية وهي الرعي … رعي النعاج   ...المهمة التي لا تعود منها إلا عند ساعة الغسق عندما تكون الشمس قد رحلت وخيم الهدوء على أنحاء القرية لا يكسر هذا  الهدوء إلا ثغاء الأغنام فى القرية  التي حبست وراء حظائرها في انتظار وجبة عشائها في قلق  ؟

 “كنتاهيي” تسرح بالأغنام  كل يوم تقريبا  ، عند ذلك الوادي على أطراف القرية  حيث تكثر اشجار الأثل والطلح وشيء من سدر قليل ينبث على أطرافه  ,يتخلل هذا الوادي شجيرات النخيل والتى تطل على مستنقع ماء تكثر فيه الحشرات نتيجة المياه الراكدة, الوادي آمن ,اذا استثنينا  الذئاب  التي تزوره من حين الى آخر بحثا عن فريستها ، وتكثر بها الأفاعي والعقارب  وهي من الزواحف التى  تنتشر في هذا الوادي و تكثر في فصل الصيف حيث تخرج بحثا عن  قوت يومها ,...”كنتاهيي”...الفتاة ذو العشر سنوات ربيعا تخرج للرعي كل يوم  غير آبهة بكل هذه المخاطر   سلاحها الوحيد هو العصا التى  تهش بها على  غنمها  وتدافع بها عن نفسها ، وتسقط بها حبات التمر  من أكمام  النخل المطلة في الجوار كلما استطاعت ان تعاند قامتها القصيرة.

تكملة القصة في الجزء الثاني من الحلقة القادمة ….

محمد ماديكديمي

كيف هاجمت الذئاب نعاج .."كنتاهي"..وكيف دافعت عن نعاجها؟