Toboupost تبوبوست

View Original

"النغوا" من عادات قبائل التبو الفريدة؟...

=======================

فى ثقافات الشعوب مفاهيم مختلفة قد لا تستطيع اللغة التعبير عنها او تصويرها , هذه المفاهيم تبنى على اساس العادات والتقاليد والاعراف وهى مكتسبة ومتراكمة ولها قداسة اجتماعية , ولا يستطيع الفرد في المجتمع الخروج عنها او تجاهلها , المجتمع التباوي مجتمع اقلية عرقية له ثقافته الخاصة ويعيش الحاضر بثقافة الماضى , ويتحدى المستقبل بعقلية ثوارت تجارب السلف في اعتقاد جازم لذيهم بانها تصلح لولوج المستقبل؟

" النغوا"..هى من عادات قبائل التبو الفريدة " النغوا ".. ليست لها ترجمة فى قواميس اللغات الاخرى, ولتقريب المعنى وليس لفصل الخطاب يمكن تعريفه بانه شىء فوق الاحترام وتحت القداسة, لذى لا يفهم معنى كلمة " نغوا"... وصورته النمطية الا الانسان التباوي, واحاول فى هذا المقام من هذا المقال ان اشرح ذلك:

والدا الزوجة ( الاب او الام ) تسمى فى اللغة التباوية ( بقزانوا , واردانوا ) وهما الصهران اللذان لهما مكانة خاصة و تقدير واحترام عاليين لا يحظى بهذه المكانة من الاحترام والتبجيل غيرهم.. فى عرف مجتمع التبو قديما وحتى حاضرا, الصهر وهو زوج ابنتهما لا يجب يلقى عليهم فروض السلام والتحية وقوفا بل يجب عليه الجلوس قبل السلام عليهما وذلك قبل ان يكون قد اللتحف بالعمامة( الديبي ).. وغطى رأسه وفمه وتسمى في لغتنا " فوونيي " ؟

لماذا هذه الهالة والديكور ؟ لقد درست هذه العادة وحللتها كثيرا وفق قواعد علم النفس الاجتماعي , ووصلت الى الاستنتاج التالي:

الاحترام والتقدير ليست فقط عبارات مجاملة يطلقها اللسان ولكنها فى كثير من الأحيان لغة يثقنها الجسد دون ان ينطق بها اللسان .. لغة الجسد ترفض ان تخاطب إنسان هو فى حالة جلوس وانت فى حالة وقوف لانه بذلك يكون دون مستوى جسدك مما يعنى ويفسر فى لغة الجسد بأنك اكبر منه قيمة... وفى حاله مشابه لو كنت جالسا مع شخص اخر واحتد النقاش بينكما لدرجة الخصومة فاول شىء يفعله جسدك بدون ان تشعر هو الوقوف وتوجيه الاتهام والتهديد والوعيد له؟ لماذا؟ لان جسمك يعبر عن ذاته ويقول انا اكبر قيمة وقدر من الجالس...

فى احيانا اخرى اذا كنت جالسا واقدم عليك احد ما له مكانة فى قلبك ليلقى عليك السلام فانك سوف تقف احتراما واجلالا للسلام عليه..وهذا ما يفعله جسدك بدون ان تشعر..انها لغة الجسد التى ترغمنا فى احيانا كثيرة للنزول عند رغبته بدون وعى ؟

.

فى أصول العلم الحديث فى تربية الطفل ينصح خبراء التربية ان لا تخاطب طفلك واقفا بل يجب ان تنزل الى مستواه وتخاطبه وجدوا ان ذلك يعزز من مستوى ثقة الطفل بنفسه ويزيد من مستوى فهم وادراك ما سوف تقوله له (هذا المثال ليس اسقاط على موضوع الصهر لكنه تفسير لاهمية لغة الجسد)...

لقد اثقن قدماء التبو لغة الجسد منذ القدم وعبروا عنها فى تقاليدهم وعاداتهم وأدركوا قيمة الآباء والامهات وما يتوجب عليهم من تقديم كل البر والاحسان والاحترام لهما ..

انها مصادفه غريبه بين ما اكتشفه آباءنا منذ القدم وبين ما اكتشفه علم التربية والسلوك حديثا؟

مع تطور العصر وانتقال الاسر التباوية الى المدن وانتشار التعليم ..بدأت هذه العادة تندثر ةتنحسر رويدا ولكن يظل احترام الصهر فوق كل اعتبار؟

للحديث بقية فى الحلقة القادمة .." لماذا لا يأكل الصهر مع صهره "

الباحث : علي أنر باحث في الثقافة والثرات التباوي -نيوزيلندا