الحجالة والنخاخة في الثرات الليبي ؟
منقول عن الكاتب معتصم بالله السنوسي
"الحجّالة" هو الاسم الذي تُعرف بهالراقصة الشعبية الليبية وهو رقص مثيرة للجدل، وأصل التسمية يأتي من كلمة "حجل" العربية التي تعني بحسب قاموس مختار الصحّاح الخلخال الذي كان يوضع في قوائم الفرَس، على أن يجاوز الرسغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين.
والحجّالة هي امرأةٌ راقصةٌ ترقص على وقع أشعارٍ شعبيةٍ غنائيةٍ تسمى بـ"أغاني العلم"، تتبعها أغاني "الشتّاوة". وتؤدّي رقصاتها وسط حشدٍ من الرجال المجتمعين في دائرةٍ أو صفٍّ طويل، مردّدين المقاطع الشعرية بصيحاتٍ عاليةٍ مع التصفيق بحرارة. ويُسمى هؤلاء الرجال المغنّون والمصفّقون بـ"الكشّاكين"، كما تُلحظ علاقةٌ طرديةٌ بين حركة جسم الحجّالة وقوّة تصفيقهم التي تبلغ أحيانًا حدّ الجنون.
: النخّاخة: هل هي حجّالة؟
النخيخ" أو "التنخيخ" هو أحد أنواع الرقص الذي تؤدّيه الفتيات العازبات في الحفلات الشعبية
"نُخّي يأم قصاص طويلة، عالطبيلة، جيناكم خطّار الليلة
نُخّي يا زينة الألباس، ويأم قصاص، وأم غيث إكداس إكداس
وأم عقود وزوز خراص، دار شعيلة، خدّك بارق نزل سيلة، نخّي يأم قصاص طويلة..."
عندما نتحدث عن الحجّالة وعلاقة النساء الليبيات بالرقص، لا يمكن نسيان أو تجاهل إحدى الأغاني العالقة في الذاكرة الموسيقية الليبية، أغنية "نُخّي يا أم قصاص طويلة" التي غنّاها المغني الشعبي الراحل محمد حسن.
"النخيخ" أو "التنخيخ" هو أحد أنواع الرقص الذي تؤدّيه الفتيات العازبات في الحفلات الشعبية والخاصة كما في المناسبات الوطنية لاسيما قبل عام 2011، باعتباره تراثًا عربيًا أصيلًا. وفيه، نرى الراقصات الشّابات (16-25عامًا) ذوات القوام النحيف والشّعر الطويل المعطّر بالروائح والحنّة الممزوجة بزيت القرنفل، يتمايلنَ بشعورهنّ وهنّ جالساتٍ على ركبهنّ.
يُعد التنخيخ نوعًا من رقصات التعارف بقصد الزواج. فعند رقص النخّاخة أمام الشباب العُزّب، يختار الشابُ الفتاةَ التي تعجبه لتكون زوجةً له. وعند المقارنة بين الحجّالة والنخّاخة، ليس من فروقاتٍ جوهريةٍ أو بارزة، فكلتاهما ترقص أمام حشدٍ من الرجال وتتقاطع بعض الحركات الراقصة بينهما، فالحجّالة تَنُخْ لكن النخّاخة لا تُحجّل. إلّا أن السياقات المُجتمعية وبالتالي النظرة الفولكلورية إلى كلٍ منهما تختلف، فبعكس الحجّالة، الكلّ يحتفي بصفات النخّاخة ولا يُنظر إليها باعتبارها "عاهرة" البتة.
لكن في زمننا الحالي، يُعتبر التنخيخ مثل التحجيل، وإن كانا من بين الفنون الشعبية التي بلغَت الذروة قبل عقودٍ خلَت، إلّا أنهما تأثّرا بتغيّر الزمن، فباتا نادرَي الوجود ومُقتصرَين على الذاكرة التراثية.