Toboupost تبوبوست

View Original

ظاهرة تبييض البشرة ....وتداعياتها على الصحة العامة في إفريقيا


بقلم:جوليان شونغوانغ (*) 

ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو  

لقد بدأ القلق ينتاب الكثير إزاء انتشار ظاهرة تبييض البشرة السمراء في إفريقيا، وذلك انطلاقا من كنساسا ،مرورا بدكار، بماكو ، ليبيرفيل ، أبيدجان وحتى إلى ياهوندي بكاميرون؛ فقد طالت ظاهرة التبييض الاصطناعي للجلد كل القارة.  

وحسب الدراسة المقدمة من الطالبة مريم كيبي لنيل درجة "ماجستير في الصحة العامة "في جامعة نواكشوط في موريتانيا 2012م ،عرفت  التصبغ (التبييض)الاصطناعي للون بأنه "عبارة عن تبييض اللون بمواد كيماوية ". كما تطرقت "جمعية المبادرة المشتركة لتنمية المجتمع في كاميرون" العاملة في مجال التجميل ،إلى الموضوع حيث قامت بأعمال عدة في هذا الخصوص في كل من بوركينافاسو ، وتشاد، وساحل العاج وغيرها.

لكن ماريسيال أودين بيلا ،الأستاذ ومستشار الجمعية يرى " أن التبييض الاختياري للبشرة ناجم عن أسباب تجميلية ،وذلك من خلال إبادة الصبغية (ميلانين) التي تلون البشرة السمراء بمواد كيماوية او أدوية التبييض.

وتتصف هذه الظاهرة بتعدد الأسماء حسب الدول؛ ففي السنغال "كخيسال"، و "بوجو" في بنين ،و" تشياتشو "في مالي، بينما يطلق عليها اسم " أكونتي" في توغو، و" دوروت" في نيجر، "ماكيياز" في كاميرون ،وكوبواكان" في كونغو برازفيل وكونغو كنساسا، و" كولكولا" في جابون.

و" الإشكالية  من جهة، تكمن في الحد الفاصل بين طريقة استخدام الصبغيات بالاختيار وبين استخدامها للعلاج ؛لاشتراك آلية الاستخدام بينهما، ومن جهة أخرى ،امكانية التستر وراء ذريعة العلاج للتبييض الاختياري".

والأخصائي الفرنسي لأمراض الجلد أنطوان بيتي في بحثه المقدم لنيل درجة "الدبلوم الجامعي في علم النفس متعدد الثقافات" عام 2005م في باريس  ،دعا في بحثه إلى ضرورة الفصل بين التصبغ الاختياري وبين انفراط الصبغ للبشرة السمراء" . 

و"محاربة الانفراط التصبغي كحالة طبية ،والأكثر شيوعا عند ذوي البشرة ألسمراء، تعود لصلاحية التشخيص العلاجي لا إلى  التبييض الاختياري "حسب ما ذكر في بحثه. 

مصدر الظاهرة وأصولها .

كل البحوث التي تناولت هذه الظاهرة إلى الآن ، توصلت بالا جماع إلى أن الظاهرة بدأت في إفريقيا عام 1960م ،ولكنها تكاد تشكل مشكلة على الصحة العامة.

لذا تكرس جمعية " محاربة تبييض البشرة " جهودها في محاربة تلك الظاهرة في جابون ،حسب ما ورد في دراسة أجريت عام 2013م.

وجدير بالذكر أن " مفعول مادة هيدروكينون في تبييض البشرة اكتشفت عام 1960م  من الأمريكيين السود في الولايات المتحدة الأمريكية ،الشريحة الكادحة في معامل النسيج والمطاط ، وكونهم يعملون باتصال مباشر (بدون واقية) بهيدروكينون المستخدمة في تنصل ألوان جينز والمضادة للأكسدة على المطاط ، وفي الدهان والزيوت ,فقد لا حظوا تأثير هذه المادة السامة في تبييض  بشرتهم. ومن هنا انطلق التبييض الاختياري للبشرة ثم انتشر بين مجتمع السود قبل استهداف إفريقيا ".

وقد أظهرت الوكالة الفرنسية لسلامة المنتجات الصحية(  AFSSAPS ) منذ عام 2011م عن المخاطر المتعلقة بالتصبغ (التبييض)الاختياري حيث قالت  " وتاريخيا ، بدأ ازدهار ممارسة التبييض الاختياري في جنوب إفريقيا حيث كانت أسواق المستعمرات الإنجليزية نصب عين تلك المنتجات (ابتداء من 1961م في جنوب إفريقيا وعام 1960م في السنغال) ثم انتشرت الظاهرة في جنوب الصحراء الكبرى. وهكذا تفشت الظاهرة إلى أن أصبحت مصدر قلق كبير في المجتمعات الإفريقية.

والدراسات التي أجريت حول الموضوع تشير إلى أن الظاهرة تطال كل الفئات الاجتماعية بمكوناتها.

والنساء أكثر إقبالا عليها في كثير من الدول الإفريقية ماعدا كونغو برازفيل وكونغو كنساسا حيث يتساوى الجنسان فيها إلى حد التنافس .

وبناء على دراسة أجرتها الوكالة الفرنسية لسلامة المنتجات الصحية (AFSSAPS) الطبية ، عام 2011م , ورد فيها بأن نسبة الظاهرة بلغت 25% في مالي 1991م ،و67% من السنغاليات 1999م ، كما أظهرت دراسات أخرى احتمال وصول النسبة إلى 3،44% في واغادوغو(بوركينا فاسو) و59% في لومي (توجو).

وخلصت الدراسة إلى القول :" بأن نسبة النساء اللاتي مارست التبييض فترة من حياتهن أو لفرصة معينة أكثر بكثير مما ذكر".

وفي الجابون أظهرت بأن 70% من مجموع مستخدمي التبييض الاختياري  من النساء ، و30% من الرجال. على أن تلك الدراسة أثبتت أيضا بأن أعلى نسبة الظاهرة  تطال الفئة العمرية ما بين 16 إلى 40 سنة ثم 20% للبالغين من العمر من 40 إلى 50 أسنة ،واخيرا 15 % لمن فوق 50 سنة.

ولا يختلف هذا السن كثيرا عن سن ممارسي التبييض في موريتانيا حيث متوسط العمر للنساء المستخدمات يتراوح بين 30 إلى 38سنة ،و50% لفئة العمرية ما بين 21 إلى 30 سنة.

واستنادا على دراسة مريم كيبي  ، نجد أن المستوى التعليمي  لـ 2،40% من النساء التي تستخدم التبييض لم يتجاوز المرحلة الابتدائية، و5،41% لم يتجاوز مرحلة المتوسط ، و4,9% من ذوات المستويات العليا.

وعلى المستوى الإفريقي  نجد أن 64% من مستخدمات التبييض مستواهن لم يتجاوز المرحلة الابتدائية ،و 54% لذوات المستويات العليا ، و 44% للأميات.

طريقة الاستعمال

ذكر خبراء المجال بأن هناك طريقتين لاستعمال التبييض الاختياري : إما عن طريق الجلد أو الوريد.

وبناء على شرح ليدوين باييما رئيسة (إل س د ب) التي قالت بأن " الطريقة الأولى هي عبارة عن استخدام المواد التجميلية التي تحتوي على مواد التبييض .وقد يكون من انواع الصابون ، كريم الجمال وغيرها.

والطريقة الثانية هي عبارة عن حقنة في الوريد بمادة الستيرويدات .ولكن كلتا الطريقتين تتضمن تجاوزات عن الحد المسموح به في استعمال تلك المادة على الجسم .

التبييض له آثار خطيرة على الجلد وتبعات صحية على المستخدمين، وحسب تدراسة (AFSSAPS)

من المخاطر الصحية على المستخدمين : الجرب ، التهاب الجريب  السطحي والعميق،  التفزرات الدائمة وحب الشباب.

وقد أضاف أنطوان بيتيه على القائمة أمراضا أخرى مثل الطفح الجلدي ، وانفراط التصبغي وغيرها؛ مؤكدا بأن " هذه العوارض تظهر على 98% من الذين يلجئون إلى  التبييض الاختياري".

كما ذهب ماريسيال أوودين بيلا إلى القول بأن " إبادة خلايا الجلد تسبب سرطان الجلد، وتفزرات واسعة تشوه الجمال وتؤدي إلى إزالة الهوية الشخصية ؛مما قد يؤدي إلى مشاكل نفسية فيما بعد ".لكن  السلطات الحكومية لا تعير عناية كافية لها.

(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي عبر الرابط: http://m.scidev.net/afrique-sub-saharienne/vulnerabilite-article=de-