تقرير فرنسي: «مفاوضات مشروطة» لإطلاق سراح عبدالله السنوسي
كشفت مجلة «جون أفريك» الفرنسية عن مفاوضات لإطلاق سراح عبدالله السنوسي آخر الشخصيات البارزة في حقبة معمر القذافي، فيما لفتت إلى استخدام حكومة الوحدة الوطنية والميليشيات المسيطرة رموز النظام السابق المسجونين كورقة ضغط سياسية.
ومن ضمن المسجونين حتى اليوم رئيس المخابرات العسكرية السابق عبدالله السنوسي، الذي يتفاوض منذ أشهر على إطلاق سراحه من وراء القضبان وفق مجلة «جون أفريك» في تقرير لها اليوم الأربعاء؛ إذ تجري مفاوضات مع وجهاء من قبيلة المقارحة التي ينحدر منها السنوسي في إقليم فزان، إذ من المحتمل الإفراج عنه وإرساله إلى بنغازي أو الخارج، بشرط أن يظهر ممثلو المقارحة دعمهم الصريح لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، كما قال المصدر ذاته.
ليس عبدالله السنوسي فقط
كما أن مفاوضات أخرى تجرى للتوصل إلى اتفاق يسمح بالإفراج عن اثنين آخرين من مساعدي القذافي المخلصين الذين كانوا معه يوم مقتله في 2011، وهما رئيس الأمن الداخلي السابق منصور ضو ومحتجز حاليا في مصراتة مع القيادي الرئيس في اللجان الثورية والوزير السابق أحمد إبراهيم. علما بأن السجينين محكوم عليهما بالإعدام على غرار السنوسي ومطلعان على أسرار حقبة القذافي الممتدة إلى أكثر من أربعين سنة.
وترى المتخصصة في الشأن الليبي فيرجيني كولومبييه أن هدف الدبيبة استمالة هذه الشخصيات المركزية في النظام السابق بسبب ما يمتلكونه من ثقل اقتصادي وقاعدة اجتماعية ما «يمكن أن يخدمه في التنافس على السلطة». ونقلت مجلة «جون أفريك»، شهادة أحد حراس السجن الذي جرت مقابلته على بعد عشرات الكيلومترات من السجن، أجواء حياة السنوسي خلف الجدران البيضاء الشاهقة لسجن معيتيقة في غرب ليبيا، إذ «يلقى معاملة مثل كبار الشخصيات ويُفحص بانتظام من قبل أطبائه الخاصين».
كما يمكن لرئيس المخابرات السابق البالغ من العمر 73 عاما التنقل بحرية بين ثكنات عدة حتى أنه يحظى بامتياز تقاسم الوجبات المقدمة للمشرفين الرئيسيين على قوة الردع الخاصة، وهي إحدى الميليشيات القوية المسيطرة على منطقة معيتيقة.
الميليشيات ونفوذ في جهاز الأمن الليبي
ويعود سجن السنوسي إلى سنة 2012، حيث تعرض للضرب ووضع في الحبس الانفرادي لأشهر، لكنه بعد عقد من الزمان لم يعد الأمر يتعلق بالانتقام، بل يتم استخدام المسؤول كـ«عملة صرف»، وفق عبارة الحارس الذي اشترط عدم الكشف عن هويته للمجلة الفرنسية. وواصل المصدر يقول إن الميليشيات التي تحتفظ بالسنوسي وتحافظ عليه في صحة جيدة تستخدمه للحفاظ على نفوذها داخل جهاز الأمن الليبي.
كما أن ما يعرف بـ«جهاز الردع» تمكن من الحصول على 27 مليون يورو من حكومة الوحدة الوطنية في العام 2021، وتقف هذه الميليشيات الآن في طليعة المفاوضات الجارية لإطلاق سراح عبدالله السنوسي.
وفي 27 مايو 2021 ألغت المحكمة الليبية العليا حكم الإعدام الصادر بحق السنوسي العام 2015، من قبل محكمة جنايات طرابلس، وأمرت المحكمة العليا بإعادة محاكمته و37 مسؤولا آخرين متهمين في المحاكمة الصورية لقمع التمرد في العام 2011. ومع ذلك لا يزال يحاكم من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهو أيضا شاهد رئيس في قضية التمويل غير المشروع لحملة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في العام 2007.
وحتى الآن لا يزال محاميه وابنته سارة، يطالبان بالإفراج غير المشروط عنه بسبب مشاكله الصحية المزمنة، لكن لم تكفِ هذه الحجج القانونية لإطلاق سراحه.