من هو تيمان ارديمي؟ ولماذا حمل السلاح ضد ابن عمه إدريس دبي ؟ وما مستقبله السياسي؟
تيمان ارديمي مدرس الجغرافيا الذي احتل العاصمة أنجمينا في الثاني والثالث من شباط ٢٠٠٨م صاحب الملامح الوقَّادة والابتسامة المنشرحة كيف نشأ الرجل ؟ وأين درس؟ وما خلفيته الثقافية؟ ولماذا حمل السلاح طيلة 15 سنة ضد ابن عمه إدريس ديبي وما مستقبله السياسي في المرحلة القادمة؟
ولد تيمان ارديمي عام ١٩٥٥ قبل خمس سنوات من استقلال تشاد في العاصمة أنجمينا مِن أسرة متدينة لها نصيب وافر من العلم والتدين، وبعد وصول الرئيس أنقارتا تمبلباي إلى الحكم وممارسة الضغط على القبائل الشمالية انتقلت عائلة ارديمي للسكن شرق تشاد في مدينة أبشة وواصل تعليمه الابتدائي والديني.
شق تيمان طريقه نحو العلم والتحصيل الأكاديمي فعلى الرغم من الظروف الصعبة ووطأة الحرب التي كانت مستعرة في السبعينيات أتَّم تيمانُ دراسة المرحلة الثانوية، وسافر إلى تونس لدراسة علم الجغرافيا التي كانت تمثل طموحاً له منذ طفولته وتخرج في جامعة تونس عام ١٩٧٨م وحاز على مرتبة الشرف..
واصل تيمان دراسته الأكاديمية في تونس فحصل في العام ١٩٨٠ على درجة الماجستير في التخطيط العمراني وعاد بعد رحلته الأكاديمية في تونس طوال عقد كامل إلى العاصمة أنجمينا التي كانت مستعرة بوقود الحرب الأهلية بعد الخلاف الذي حدث بين قوكوني ودي وحسين هبري عام ١٩٨٠م.
التحق تيمان بالقطاع الحكومي بعد عودته من تونس وعمل في شركة قطن تشاد التي كانت تدر دخلاً مالياً عالياً في تلك الفترة واستطاع بفضل ضبطه للعمل وتفانيه في الخدمة وكفاءته المهنية بالتدرج في شركة قطن تشاد حتى وصل الرئيس حسين هبري واستولى على البلاد في يونيو ١٩٨٢م.
بعد وصول حسين هبري إلى الحكم عيَّن تيمان ارديمي كأحد الفلاسفة والمنظرين لحزب الاتحاد الوطني للاستقلال والثورة وأسدى له منصب رئيس شركة قطن تشاد والتي استمر في رئاستها طوال فترة حكم الرئيس حسين هبري منذ عام ١٩٨٢ حتى الأول من ديسمبر ١٩٩٠ وتم تعيينه من صفوة قيادات الحزب.
إبان وصول إدريس ديبي إلى الحكم عام ١٩٩٠ وبما أنه يرتبط بعلاقة قرابة مع تيمان ارديمي فقد تم تكليفه برئاسة مجلس إدارة قطن تشاد التي كانت تمثل أكبر مصدر من مصادر دخل الأموال التشادية فقد كان الذهب الأبيض الماكينة التي تدفع بها أموال الموظفين الحكوميين وأصبح تيمان يتنقل بين العاصمةومزارع القطن في الجنوب.
وجد الرئيس ديبي ضالته في تيمان ارديمي بعد فشل عدد من محاولات الانقلاب التي قام بها رفقاء السلاح الذين وصلوا معه إلى العاصمة أنجمينا فقرر ديبي تعيين تيمان ارديمي مديراً لمكتبه في رئاسة الجمهورية عام ١٩٩٣ وقد ساهم تيمان بفضل موقعه من إنجاح المؤتمر الوطني المستقل.
واصل تيمان ارديمي عمله حتى العام ١٩٩٧ وهنا دبَّت الخلافات بين ديبي وابن عمه تيمان بعدما قام ديبي بتصفية عدد من أبناء عشيرته وانفرد بالسلطة ولم يعد يشارك أحداً في القرار السياسي وفتح المجال لشخصيات تختلف وجهة نظرها مع تيمان وخلال تلك الفترة خرج وزير الداخلية الأسبق يوسف تقويمي على ديبي.
أعلن تقويمي تمرده واحتمى بجبال تبيستي وكبًّد الحكومة التشادية خسائر فادحة وبث الهمة والعزيمة في فكرة الخروج عن الحكومة ومعارضتها بالسلاح، فتسلل تيمان ارديمي وشقيقه توم عام ٢٠٠٥ وخرجا من العاصمة أنجمينا وكوَّنا جبهة للمعارضة يكون تيمان قائدها الميداني وتوم الناطق الرسمي باسمها وأطلقا على الجبهة ( تجمع قوى المعارضة)
لم يشارك تيمان مع المعارضة التي هاجمت العاصمة أنجمينا في نيسان ٢٠٠٦ وإنما كانت فكرة معارضته هي الامتعاض الشديد من إقصائه وعدم مشاركته في القرار السياسي وأراد بكل ما أوتي من قوة أن يعود إلى ديبي حتى يحظى بمكانة أفضل ويُحسبُ له ألف حساب، لكن لم يشعر تيمان أنَّ معارضته لديبي.
كانت فكرة خروج الشقيقان كنز ذهبي للضغط على ديبي من السودان وليبيا وحكومة فرنسا بعدما قرر ديبي استخراج النفط دون مباركة من الفاعلين الدوليين، أسس تيمان ارديمي تجمع القوى من أجل التغيير وشارك مع الأحزاب المعارضة في التوقيع على اتفاق سرت في الرابع من أكتوبر عام ٢٠٠٧ حيث مثل الجانب الحكومي في تلك الاتفاقية الوزير آدم يونسمي، وشارك تيمان في التوقيع على اتفاق سرت في ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٧ ثم عاد ونقض الاتفاق وهاجم القوات الحكومية في شرق تشاد في السادس والعشرين من نوفمبر ٢٠٠٧ ومن هناك أتفق مع محمد نوري وعبدالواحد عبود للزحف نحو العاصمة أنجمينا وبالفعل كانت تلك الحرب الضارية من أعنف الحروب التي عرفتها تشاد.
منيت في أول المعركة الحكومةُ التشاديةُ بخسائر فادحة فقد سقط عدد من الألوية والقادة العسكريين الحكوميين منهم الجنرال داود إسماعيل خليل القائد العام للقوات المسلحة التشادية والجنرال يوسف بوي والجنرال شرف الدين محمد مدير الاستخبارات الحربية برئاسة الجمهورية وجاموس حسن جاموس نجل القائد العسكري حسن جاموس والكابتن ياسر جبريل إبراهيم الحارس الشخصي لرئيس الجمهورية ونجا الرئيس ديبي بأعجوبة من الموت، ودخل الثوار العاصمة أنجمينا ونتيجة لسياسة فرنسا والاختلاف بين رؤوس المعارضة فقد تم قصف الثوار بالطائرات الفرنسية وعاد تيمان ومحمد نوري مجددا إلى الحدود السودانية.
تخلى الرئيس السوداني عمر البشير عن دعم الثورة التشادية وسقط القذافي بعد سنوات قليلة فلجأ تيمان وفقا لاتفاقية السلام بين تشاد والسودان بشأن إقليم دارفور إلى الدوحة وخلال عقد كامل كانت هناك عمليات شد وجذب بين الحكومة التشادية وتيمان ارديمي.
بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي إتنو تم الدعوة إلى حوار وطني فتشكلت لجنة فنية للحوار الوطني يترأسها رئيس الجمهورية الأسبق قوكوني ودي وبعد مراسلات طويلة وافق تيمان ارديمي بالحوار مع الحكومة التشادية وطلب عدة شروط منها الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين العسكريين والمدنيين وإعادة ممتلكات رؤوس المعارضة وسيشارك تيمان ارديمي في مؤتمر الحوار الوطني لكن للأسف لا يملك الرجل مشروعاً سياسياً واضحاً كما أن طلباته للمشاركة لم يذكر فيها تحسين أوضاع التشاديين وإرساء العدل والمساواة وإعادة الأموال التي نهبت طوال السنوات الماضية وتم تكديسها في البنوك الأوربية، وإن عاد تيمان فسيمنح منصباً شرفياً كمستشار رئيس المجلس الانتقالي العسكري للشؤون العسكرية ويمكث في حديقته الوارفة في منطقة فرشا على ضفاف نهر شاري وسيلعب الشطرنج والورق مع أصدقائه العسكريين، وستنتهي قضيته التي راح ضحيتها الآلاف الشباب التشاديين.
نتمنى أن يملك السياسيون التشاديون أفقاً لمراعاة مصلحة الوطن والمواطن الذي منذ ٦٠ سنة وهو يعاني طعنات الملاريا وأنين البعوض وغياب الكهرباء ومشاكل الطرق وفقدان التنمية وانعدام التعليم وزيادة المعيشة وغلاء السلع وفساد الأجهزة القضائية والأمنية وتدهور حال المستشفيات والمؤسسات الصحية، معظم المعارضات المسلحة في إفريقيا تريد تغيير الأنظمة وليس البحث عن رفاهية ومستقبل الشعوب.
منقول عن: سعيد أبكر أحمد