اين خسرنا …ولماذا؟
اين خسرنا, ولماذا؟ *
عند مطلع الالف الثالث قبل الميلاد , قام المصريون بتطوير السفينة النهرية. حينها سيطروا على الطريق الدولي الوحيد الذي يربط بين اسواق العالم القديم. * كان لا بد من تعامل مالي , هنا تم انشاء الحوانيت التي ابتكرت سعر الفائدة. حيث كان لابد من اعتماد عملة دولية من الذهب والفضة. * هذا الحانوت كان خزانة للذهب والفضة مقابل فائدة محدودة. استطاع صاحب الحانوت من اقناع زبونه بان يودع عنده هذه المعادن مقابل فائدة محدودة , وهذه الودائع لا تصبح حليا , بل تصبح ( ضمانة مصرفية ) يمكن استثمارها في تمويل التجارة. * هذا التمويل المنتظم اثبت ان المصرف ليس دكانا للنقود بل سلاحا جديدا قادرا على احداث انقلاب شامل في خطط الحرب. *عند نهاية القرن العشرين قبل الميلاد , كان نظام المصرف , قد نقل الاقطاع من مرحلة المملكة الي مرحلة الامبراطورية. * حوالي سنة 1700 قبل الميلاد , كانت معظم اراضي مصر قد سقطت في ايدي الهكسوس. * هذه قصة مختصرة جدا لتطور النظام المصرفي الراسمالي. * كيف استفاد اليهود من هذا النظام؟ * تم كتابة التوراة بحيث جعلت اقراض الاجنبي بالربا فريضة دينية يؤديها اليهودي الورع بموجب نص لشريعة. * تعددت وسائل اليهود في احتكار المال عن طريق زيادة سعر الفائدة علي القروض , وضرب الشركات المحلية. *سوف يقوم اليهود باعادة كتابة التاريخ من جديد , وسوف تصاغ قصة خروجهم من مصر في صيغة تليق بمقام الاغنياء وينال فرعون العقاب الذي يستحقه لانه هدد امن المصارف , فتغرقه التوراة في البحر الاحمر ويلعنه رجال الدين والي الابد. * ان اليهود لم يخترعوا المصرف الحر , بل اكتشفوا قدرة راس المال علي العمل في مجتمع ديمقراطي. *ان نظرية ارض الميعاد ليست نظرية دينية بل مصرفية. * لقد نجحت الدولة المصرفية في تطوير فكرة الباب المفتوح , الي سياسة قومية وفتحت السوق العالمي امام راس المال. * في هذا الوقت كان الشرق الاوسط لا يزال علي حاله كما تركه فرعون. كانت حكوماته عبارة عن اقطاعيات متناحرة. تدار بنظم بدائية لا تستطيع ان تحتوي نظام المصرف الحر. * في 1967 وقعت الهزيمة , هزيمة 100 مليون عربي مقابل 3 مليون اسرائيلي. واعلنت الدول العربية ان احتياطياتها من العملة الصعبة لا تكفي الا لبضعة ايام من القتال! بينما كانت مصارف اسرائيل تؤمن لها اموالا لا تنتهي. * اعلن السادات في السبعينات ان 99% من اوراق اللعبة بيد اميركا , ويقصد بيد المصارف الراسمالية. *تلخيص : 1- ان اسرائيل ليست صنيعة الولايات المتحدة , كما يعتقد ساسة العرب - بل ان الولايات المتحدة واسرائيل معا , صنيعتان للمصرف الراسمالي الحر. 2- ان نظرية الضغط الاميركي علي اسرائيل , نظرية خرافية بحتة , لان اسرائيل مشروع مالي مستقل مثل الولايات المتحدة نفسها. 3- ان العرب لم يخسروا المعركة ضد اسرائيل , بل خسروها ضد نظام الدولة الراسمالية . وان هزيمة من هذا الحجم لا يمكن تعويضها حتي باستعادة الاندلس وفلسطين. 4- ان العرب الذين فشلوا في تطوير ادارة ديمقراطية لا يستطيعون ان يمتلكوا نظاما مصرفيا حرا وليس بوسعهم ان يكسبوا السباق في هذا العصر المصرفي. 5- ان السياسة الناجحة هي ثمرة القراءة الصحيحة للتاريخ وان سياسة العرب المرتبكة والفاشلة مصدرها تورط العرب في ثقافة مزورة تفسر الاسلام بلغة السحرة وتتجاهل دستور الشرع الجماعي وتعطي ( مال الله ) للاقطاع وتقرا التاريخ بلسان فقيه غائب عن التاريخ! *بتصرف شديد من كتاب ( الاسلام في الاسر ) للمفكر الليبي المرحوم د صادق النيهوم ( ولد في بنغازي 1937, دكتوراه من القاهرة في الاديان المقارنة , دكتوراه من جامعة ميونيخ بالمانيا في الفلسفة , دكتوراه من جامعة اريزونا في اميركا في الاديان المقارنة ايضا. اخر وظيفة : استاذ الاديان المقارنة في جامعة جنيف - سويسرا , توفي عام 1994).