مواجهة جائحة كورونا مسألة تضامنية من الجميع؟
يشهد الشارع الليبي حالة من الترقب والقلق عقب تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩) في البلاد، وعلى الرغم من اتخاذ السلطات المختصة عدد من الإجراءات الاحترازية والوقائية لازال الجميع ينتظر انتهاء تلك الأزمة، وللحديث حول فيروس كورونا المستجد، كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع البروفيسور/ إبراهيم محمد الدغيس، المتخصص في علم الفيروسات ورئيس لجنة التوعية والتثقيف بجامعة طرابلس. وإلى نص الحوار.
ما هو فيروس كورونا المستجد (كوفيد_19)؟
فيروس الكورونا هو فيروس ينتمي لعائلة الفيروسات التاجية، كلمة كورونا (Corona) هي كلمة لاتينية وباللغة الإنجليزية (Crown) وباللغة العربية تعني تاج، وسميت بالفيروسات التاجية لأن لها بروزات على غلافها الخارجي بحيث تظهر تحت المجهر الالكتروني في شكل يشبه التاج، الغلاف الخارجي للفيروس يحتوي على دهون ولذلك تنصح منظمة الصحة العالمية بغسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية كأحد طرق الوقاية من الفيروس بسبب أن الصابون يؤدي لتكسير الدهون الموجودة بالغلاف الخارجي للفيروس مما يسبب في موت الفيروس. البروزات على الغلاف الخارجي للفيروس مهمة في إلتصاق الفيروس بالخلايا وبالتالي دخول الفيروس داخل الخلايا من أجل التكاثر. سمي المرض الجديد باسم (COVID-19) وهي اختصار للآتي: حرفي (CO) اختصار لكلمة كورونا (CORONA) وحرفي (VI) اختصار لكلمة فيروس (VIRUS) وحرف (D) اختصار لكلمة مرض (DISEASE) ورقم (19) اختصار لسنة 2019م، حيث أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن المرض رسميا يوم 31 ديسمبر 2019م.
لماذا انتشر هذا الفيروس بصورة أكبر من الفيروسات التاجية الأخرى؟
سنة 2002م ظهر مرض باسم المتلازمة التنفسية الحادة (SARS) والمسبب هو أحد الفيروسات التاجية من نوع بيتا، وأدى لإصابة 8000 شخص تقريبا في 26 دولة وأدى لوفاة حوالي 800 شخص تقريبا، ثم في سنة 2012م ظهر مرض آخر عرف باسم متلازمة الشرق أوسط التنفسية (MERS) يسببه نوع آخر من الفيروسات التاجية من نوع بيتا كذلك وأدى لإصابة 2500 شخص تقريبا في 27 دولة وأدى لوفاة حوالي 860 شخص تقريبا. الآن ظهر هذا المرض الجديد وانتشر في كل دول العالم تقريبا وأدى لإصابة مئات الآلاف من البشر وموت الآلاف كذلك. وسبب انتشار بهذه السرعة أن المرض بدأ في الصين وأصبح الآن وباء عالمي. ويعتقد العلماء بوجود عدة أسباب جعلت هذا الفيروس ينتشر بسرعة منها طول فترة الحضانة (2-14 يوم) بالإضافة إلى أن الفيروس الجديد له قدرة إلتصاق بالخلايا تفوق عشر مرات قوة التصاق فيروس السارس القديم، وكذلك طريقة انتقاله فالفيروس ينتقل انتقال مباشر من الشخص المصاب عن طريق الرذاذ الصادر من الكحة أو السعال أو العطس، بالإضافة لقدرة الفيروس على الانتقال غير المباشر عند ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس.
البعض يعول آمالا على انتهاء الأزمة فى الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.. فهل هناك علاقة بين حالة الطقس والقضاء على الفيروس؟
البعض يعتقد أن ارتفاع درجة الحرارة في الصيف قد تؤدي لموت الفيروس وانتهاء المرض، وهنا وجب التنويه إلى أن المرض موجود في معظم دول العالم ومنها تلك الدول التي بها درجة حرارة عالية. للعلم فإن ارتفاع درجة الحرارة تؤثر وتقلل من مدة بقاء الفيروس حيا في البيئة وعلى الأسطح ولكنها لا توقف المرض.
هل المستشفيات والأنظمة الصحية في ليبيا مجهزّة للتعامل مع الفيروس؟
هذا السؤال يوجه للأجهزة التنفيذية المسؤولة عن قطاع الصحة. ولكن ما يمكن قوله في هذا الصدد أن المختبر المرجعي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض به كفاءات وخبرات عالية وعلى مستوى عالمي. والتقنية المستخدمة في التشخيص (RT-PCR) هي المعتمدة من منظمة الصحة العالمية وموجودة حاليا بالمحتبر المرجعي بطرابلس وبمستشفى الكويفية ببنغازي.
نسمع أحيانا عن تعافي بعض الحالات. ما هو علاج الفيروس؟
فعلا المرض منتشر ومكتسح لدول العالم، وفي نفس الوقت وجب التنويه إلى أن نسبة الشفاء من المرض عالية وخاصة عند الناس الأصحاء ومن لديهم مناعة عالية. إلى الآن لا يوجد دواء أو لقاح معتمد من منظمة الصحة العالمية، ولكن هناك عدة دول منها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وأستراليا وغيرها من الدول تعمل جاهدة على تجربة عدة أدوية لمجابهة هذا الوباء، فلنتأمل خيرا بإذن الله.
ما هي نسبة عودة المرض لنفس الشخص الذي تعافى منه؟
في الوضع الطبيعي عند الإصابة بمسبب مرضي معين فإن الجسم يكون مناعة ضد المسبب المرضي بعد الشفاء من المرض. وهذه أحد السناريوهات المتوقعة لانتهاء الوباء وذلك بنشوء ما يعرف بمناعة القطيع أو مناعة الجموع (Herd Immunity)، بحيث تتكون عند 50-70% من الناس مناعة بعد إصابتهم وشفائهم من المرض فيصبح المجتمع منيع ولا يصاب بالمرض مرة أخرى. ولكن قد يحدث أحيانا ونادرا الشفاء من المرض ثم يصاب نفس الشخص بنفس المرض وهذا يفسر علميا بأن الشخص قد أصيب بنوع فيروسي آخر من نفس العائلة الفيروسية أو أن الفيروس قد حدثت به طفرة وأصبح فيروس مختلف عن الفيرس الأول المسبب للمرض.
إلى جانب التعقيم وتوخي الحذر وغسل اليدين. هل تناول أطعمة معيّنة يقي من المرض؟
هنا لا يمكن الجزم بأن نوع معين من الطعام له تأثير مقاوم لفيروس الكورونا، ولكن بصفة عامة ومن المعروف أن الغذاء الجيد والصحي مهم لرفع وزيادة مناعة الجسم والتي بدورها لها دور مهم في مقاومة المرض.
كلمة أخيرة أو نصيحة تود توجيها للمواطنين؟
نحن الآن نواجه وباء عالمي اجتاح حتى الدول العظمى والمتقدمة، ولكن بوعي الناس ومعرفة كيفية انتقال الفيروس وبالتالي التقيد بتعليمات الجهات الصحية والتزام البيوت خاصة هذا الأسبوع والأسبوع القادم سيكون له دور كبير في كسر سلسلة انتقال الفيروس. يعني باختصار مسألة مجابهة الوباء في ليبيا هي مسألة تضامنية والمواطن له دور كبير ومهم في الوقاية من هذا الوباء.
نسأل الله أن يحفظ العباد والبلاد.