ما هو شهوبادى..؟
كانت (بارباتي بوغاتي) تبلغ من العمر 17 سنة فقط عندما اختنقت بدخان نار أشعلتها بداعي التدفئة داخل ”كوخ الحيض“ الحجري الذي لا يحتوي على أية نوافذ، والذي أجبرت على الإقامة فيه قسراً خلال فترة دورتها الشهرية في وقت سابق من هذه السنة، ويجدر التنويه أنها لم تكن الأولى التي تعاني من هذا الأمر، حيث قبل شهر من حادثة وفاتها، اختنقت أم تبلغ من العمر 35 سنة وولداها بشكل مشابه أثناء ممارسة (شهوبادي)، وهي عبارة عن تقليد هندوسي قديم يجبر النساء على عزل أنفسهن أثناء فترة الحيض.
الآن، اكتشف الباحثون أن 77 بالمائة من الفتيات اللواتي يعشن في غرب النيبال يُجبَرن على الإقامة والنوم في ”أكواخ الحيض“ خلال فترات الدورة الشهرية خاصتهن على الرغم من أن القانون جرّم هذه الممارسة في السنة الفارطة في النيبال.
تفرض ممارسة (شهوبادي) على الفتيات والنساء أثناء فترة الدورة الشهرية العيش والإقامة بعزلة في أكواخ بُنيت خصيصاً لهذا الغرض من أجل الإبقاء على ”نجاساتهن“ بعيداً عن البيوت العائلية. استجوب العلماء في شهر أبريل الفارط 400 فتاة مراهقة في النيبال تتراوح أعمارهن بين 14 و19 سنة في كل من المناطق الحضرية والريفية، كما ركز بحثهم أيضاً على فئة من النساء بين سن 25 و45 سنة (تم استبعاد الرجال والشباب من البحث بداعي وصمة العار التي تلاحق الموضوع، غير أن الباحثين يدركون أهمية تضمينهم في الدراسة).
قالت ثلاثة من كل أربعة فتيات أنهن كن يجبَرن على ممارسة (شهوبادي) على الرغم من أن ثلثي هذا العدد تقريباً كان يعلم بأنها ممارسة غير قانونية في البلد. كانت النساء والفتيات من المناطق الحضرية وكذا اللواتي ينحدرن من عائلات ثرية أقل احتمالا في أن يجبَرن على هذه الممارسة. وقد صرح معظم من شملتهن الدراسة أنهن كن يخشين خطر التعرض للدغات الثعابين، أو هجمات الحيوانات البرية، أو احتمال التعرض للاعتداءات على يد أشخاص مجهولين نظراً لكون هذه الأكواخ معزولة جدا.
من أجل محاربة هذه المشكلة المؤرقة، قال الباحثون أنه يتعين على المسؤولين في المجتمعات المدنية وكذا المنظمات غير الحكومية أن يتجاوزوا في طرحهم للمشكلة على أنها مشكلة مرافق صحية ونظافة شخصية وأن يعملوا على تغيير وصمة العار المرتبطة بإدارة النظافة الشخصية أثناء الدورة الشهرية.
كتب الباحثون في هذه الدراسة في مجلة «شؤون الصحة الجنسية والتناسلية»: ”بالنظر إلى أن معظم تجاربهن كانت مواضيع تابوهات ومواضيع لصيقة بوصمة العار، كانت الفتيات غالباً ما تفدن بأنه لم يكن مسموحاً لهن لمس أفراد العائلة من الذكور، أو دخول المعابد، أو الانضمام للاحتفالات، أو الطهي أو حتى مجرد دخول المطبخ، أو تناول أطعمة عادية (على شاكلة منتجات الألبان)، أو النوم في أفرشتهن داخل منازلهن“، وأضاف الباحثون أنه يبدو أن الممارسة مفروضة بشكل كبير من طرف ”الأشخاص المسنين داخل العائلات والمجتمعات، بما في ذلك الأمهات، والجدات، وعجائز أخريات“.
قالت مؤلفة هذه الدراسة، وهي (جينيفر ثومسون)، أنه في حالة ما وجدت فتاة ما نفسها عاجزة عن الولوج لأحد أكواخ العادة الشهرية أو تضررت هذه الأخيرة ولم تعد صالحة للغرض، فقد تجبر على الإقامة في العراء حيث تكون معرضة لعوامل الطبيعة، وقالت أن هذا النوع من العزلة المفروضة غالباً ما يكون مصحوباً بشعور على شاكلة ”القلق، والكرب، والاكتئاب، والعجز“.
من أجل محاربة هذه المشكلة المؤرقة، قال الباحثون أنه يتعين على المسؤولين في المجتمعات المدنية وكذا المنظمات غير الحكومية أن يتجاوزوا في طرحهم للمشكلة على أنها مشكلة مرافق صحية ونظافة شخصية وأن يعملوا على تغيير وصمة العار المرتبطة بإدارة النظافة الشخصية أثناء الدورة الشهرية، وجعل الدورة الشهرية مشكلة ذات علاقة بحقوق الإنسان.
عرضت إحدى القرى في النيبال منح جائزات مالية لكل امرأة ترفض ممارسة (شهوبادي)، وفي وقت سابق من هذا الأسبوع قامت الدولة بأول عملية اعتقال على علاقة بموت امرأة أجبرت على الانعزال داخل كوخ للعادة الشهرية.
تقول الباحثة (ثومسون): ”هنالك حاجة واضحة لشن حركة صريحة من مجتمع حقوق الإنسان ضد ممارسة (شهوبادي) والتابوهات بصفة عامة. سيساعد هذا الأمر على نقل الدورة الشهرية من كونها مشكلة صحية إلى مشكلة مرتبطة بحقوق المرأة والفتاة، وأمنها، وأمانها، ومواطنتها بشكل واسع أكثر“.
بعد أن تم وسم العام 2015 على أنه ”عام الدورة الشهرية“ من طرف الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية وكذا المناقشات العالمية التي دارت حول ”ضرائب التامبون“ و”فقر الدورة الشهرية“، تغيرت تقريبا النظرة العامة للمجتمع تجاه مشكلة إدارة النظافة الشخصية للمرأة أثناء الدورة الشهرية Menstruation Hygiene Management MHM.
كتب المؤلفون في الدراسة الآنفة: ”سلطت دراستنا التي أجريناها في النيبال الضوء على عدد كبير من المشكلات المحيطة بالدورة الشهرية بعيدا عن مشكلة النظافة، وهي مشكلات تركزت حول الأمن، والأمان، ووصمة العار، والتابوهات. بإمكان جعل الدورة الشهرية مشكلة حقوق مدنية أن يساعد على الإتيان بهذه المشاكل المتنوعة تحت مظلة واحدة“، وأضافوا بأن التركيز على الحقوق يجسد كلا من ”الصفة الطبيعية للعادة الشهرية والمرأة أو الفتاة على أنها صاحبة حق“.
وقد نوّه مؤلفو هذه الدراسة إلى أنها كانت دراسة صغيرة ركزت سوى على بلديتين اثنتين في منطقة واحدة من البلد، غير أن (ثومسون) سارعت للقول بأن المشكلة هي مشكلة مفاهيم وأفكار بشكل أوسع وأن ما خلصت إليه الدراسة يهدف إلى إعادة توجيه الطريقة التي يحيط بها القطاع بمشكلة (شهوبادي) وإدارة النظافة الشخصية أثناء الدورة الشهرية بشكل أوسع.